حيفا

يا عِشقيَ الأزلي 
ها أنا أعود إليك 
على أجنحةِ الغيومْ
ها أنا ذا عندكِ
أدسُ قلبي في شاطئَك 
أنسى المنافي البعيدة 
أتهجى كل شيءٍٍ فيكِ: 
البحر والموج والريح والشجرْ
همس الندى في الصباحْ
ومزاريب الشتاءْ
ومرايا معلقة بأجنحة الرياحْ
ملأى بأشرطةٍ من صُورِ الذكرياتْ
تعيد للقلب دقاته في زحام الحياةْ
وتعيدُني للوراءْ
أرى فيها كل ما أشاءْ 
رعشة أيامي الماضياتْ
وأمكنةً منسولةً من وجوه الأنبياءْ
أطوفُ حولها
صباحَ مساءْ
أهٍ يا مدينتي 
من مثلك تعلو جدائِلهُا فوق أروقةِ السماءْ
و تنسلُّ من صدرها الحاني خيوط الضياءْ
أهٍ يا مدينتي
كلما آتيكِ أزدادُ فيكِ زهواً وعشقا 
وأمضي في مراياكِ كما يريد مَوجكِ مني أن أكونْ 
لا أنسى مكان بيتي 
أحملُه وشماً بالعين في دروب شتاتي
 أرمي وجهي على أعتابهِ كلما آتيهِ 
أقبلهُ وأطوفُ حولهُ سبعًا وأكثرْ 
ألملمُ من خباياه بقايا أيامي 
ملأى بأحلى الذكرياتْ
و أستنشقُ منه نسماتٍ تطيلُ الحياةْ 
أسمع حوله ارتجاف صوت أمي المنغومْ 
لا يضل عني
يلاحقني يوقظني 
وأرى أمي
تحضنني بعينين واسعتيِنِ مشعتينِ 
تخبئُني بعينيها 
وابتسامةً تطلُ منها على اتساع المدى 
ها هنا ارتعشت أمي في زمن مضى 
وبدأت أحبو أنا
أبصرتُها ها هنا
وتهجيت وجهها حبًا وعشقا 
ها أنا الآن أعود إلى بيتي من جديدْ
بعد أعوامٍ 
وأعوامْ 
هو فَرحتي
لهفتي المشتهاةْ 
يرفرف قلبي حوله
يوغلُ في الشجون 
 أحسُ من عبقهِ بكل ما مضى 
أرجعُ للورا
أعيدُ تشكيلَ وجوهِ من كانوا هنا 
وضاعوا في دروبِ الهوانْ 
أنسجُ أشرعةً 
أمِدُها لهم على اتساعِ المكانْ 
أعيدهُمُ معها بملء أحلامي 
إلى أحضان حيفا 
بخطو ريحٍ جَموحٍ
دونما انتظارْ .